للهيئة المصرية العامة للمواصفات والجودة الحق الكامل فيما تقرره من إعداد مواصفة قياسية مصرية أو تبنى مواصفة أجنبية بعد اعتماده
حيث انه من المقرر أن للهيئة المصرية العامة للمواصفات والجودة الحق الكامل - بل الأوحد - فيما تقرره من إعداد مواصفة قياسية مصرية أو تبنى مواصفة أجنبية بعد اعتمادها، إلا أن هذا الحق مكفول أصلًا لحماية للمستهلك - أثر مخالفة ذلك الغاء قرار الهيئة باعتماد مواصفات قياسية لمنتج محدد وتعديلاته المبنية عليه.
الأوراق وما بها من مستندات تنطق بما لا يدع مجالًا للشك أن المواصفة القياسية 734 لسنة 2008 قد تضمنت بالمخالفة للواقع والقانون ما ذُكر بشأن توافقها فنيًا مع المواصفات الدولية والأوروبية المشار إليها، كما أن ما قررته من حيود تختلف فيه عن تلك المواصفات لم تستند في أغلبها إلى سبب مشروع- على النحو سالف الإيضاح- وعليه تكون الهيئة المطعون ضدها لم تتبع قواعد السلوك الجيد عند إعدادها واعتمادها للمواصفة القياسية المعروضة حيث خالفت أحكام القانون بشأن ضبط الجودة والمعايرة، وما التزمت به مصر من اتفاق بشأن القيود الفنية على التجارة، فضلًا عن انتهاكها لأحكام الدستور فيما حرص على كفالته بشأن معايير الشفافية كضمانة لتحقيق التنمية المستدامة، ويغدو قرارها الطعين رقم 133 لسنة 2008م- بشأن اعتماد المواصفة القياسية رقم 734 لسنة 2008م بشأن أجهزة إطفاء الحريق اليدوية التي تعمل بالمسحوق الكيماوي الجاف- قد جاء غير متفق وأحكام القانون جديرًا بالإلغاء.
ولا ينال من ذلك صدور المواصفة القياسية رقم 734 لسنة 2013م بشأن أجهزة إطفاء الحريق اليدوية التي تعمل بالمسحوق الكيماوي الجاف، وحلولها محل آخر إصدار لها عام 2008م، حيث إنه بالاطلاع على تلك المواصفة تبين الآتي: أنها معتمدة بالقرار رقم 612 بتاريخ 29/12/2013م، وثابت على الموقع الإلكتروني الرسمي للهيئة تحت قسم (المواصفات) أنها معدلة كليًا، وبالموقع ذاته تحت قسم (اللجان الفنية) وتحديدًا تحت عنوان [حالات إصدار المواصفات القياسية المصرية] أُرفق جدول يبين نوع الإصدار للمواصفة القياسية وما يُقصد به عن حالة المواصفة تباينت بين (جديدة- معدلة كليًا- معدلة جزئيًا- محدثة- ملغاة- متبناة بلغتها الأصلية) وجاء المقصود بـ (معدلة كليًا) أنه تم تعديل معظم بنودها وتم إعادة إخراجها ويتم تعديل سنة إصدارها مع الاحتفاظ برقمها السابق، والمقصود ب (ملغاة) وهى مواصفة يتم إلغاء إصدارها وينوه عن المواصفة التي حلت محلها إن وجدت، أما المقصود بـ (متبناة بلغتها الأصلية) هو أنها مواصفة دولية متبناة بلغتها الأصلية دون أي تعديل ويتم ترقيم المواصفة برقم مصري ووضع سنة إصدارها كما هو الحال في المواصفة الجديدة، ولما كانت المواصفة القياسية رقم 734 لسنة 2013م قد تم تعديل سنة إصدارها واحتفظت بالرقم ذاته باعتبارها معدلة كليًا، فإن ما قامت به الهيئة هو مجرد تعديل المواصفة القياسية 734 لسنة 2008م- على حد زعمها- غير أن هذا التعديل لم يشمل العيوب التي وقعت فيها المواصفة القياسية- مثار الطعن- حيث تم اعتماد المواصفة 734 لسنة 2013م على أساس صلاحيتها لمكافحة حرائق متعددة للفئات A,B,C,DLM,E، وهى المواصفة التي رفضتها الدراسات المقدمة من جامعة القاهرة والإسكندرية وجاءت توصيتها بإلزام الهيئة الطاعنة بمراجعتها والعدول عنها لعدم وجود مثيل لها بالعالم فضلًا أنه لم يتم التعرف على مثيل لها في المصادر العلمية والتكنولوجية المعتمدة، كما أن استخدامها على هذا النحو قد يؤدى إلى مخاطر بالمستخدمين، فمن ثم يصيب تلك المواصفة ما أصاب سابقتها من عيوب، وأن مجرد تعديل سنة الإصدار لا يخرجها عن كونها تعديل لمواصفة قياسية قائمة بالفعل، فإذا ما وُصمت بأسباب عدم المشروعية ذاتها باعتبارها وليدة مشوهة، فإنها تضحى غيرُ معصومة عن الإلغاء، ومن ثم يدرأ كل قول في هذا الصدد.
كما أنه وبالاطلاع على المواصفة القياسية رقم 734 لسنة 2013م- المرفق صورة ضوئية منها طي حافظة مستندات الدولة- ومقارنتها بالمواصفة القياسية رقم 734 لسنة 2008م تبين أن ما أُجرى عليها من تعديلات مزعومة لم يتطرق إلى العيوب والمخالفات المنسوبة للمواصفة السابقة لعام 2008م، بل ظلت كما هي وأنها خرجت من رحم مشروع المواصفة المقترحة 734 لسنة 2011 المرفوضة من قبل الدراسات التي أعدتها جامعتا القاهرة والإسكندرية- على النحو سالف الذكر، حيث تسمح باستمرار إنتاج طفايات حرائق متعددة بالمخالفة لجميع المواصفات الدولية والأوروبية، بل إنه يترتب على تطبيقها أضرار بالغة بالمستخدمين- على النحو الوارد بتلك الدراسات- فضلًا عن إثبات مطابقتها للمواصفات الدولية والأوروبية على غير الحقيقة، بما يقطع بأن إخراج المواصفة رقم 734 لسنة 2013م بهذا الشكل وبعد كل ما حذرت منه كافة الدراسات والتقارير العلمية المجراةفي هذا الشأن، وإصرار الهيئة على عدم اتباع معايير الجودة في وضعها للمواصفات القياسية يمثل خروجًا صارخًا على أحكام الدستور والقانون، فضلًا عن أن الالتفاف بتعديل سنة المواصفة وبعض بنودها سبيلًا للهروب من مظلة المشروعية وتفريغ محل النزاع من محتواه ليقع أثر الإلغاء على غير ذي محل، ما هو إلا تكريس لمنظومة تصم آذانها عن كل ما ينهض بالصناعة وجودتها رغم أنها القائمة على مراقبة ذلك بل وعلى ردع من يخالفه، فإذا كان المشرع قد آل إليها وضع المواصفات القياسية التي يهتدي بها كل صانع ومنتج فالأولى أن تكون في ذلك مثالًا يُحتذى به، وعليه لا يجوز التذرع باختلاف المواصفة القياسية المعروضة محل النزاع 734 لسنة 2008م عن المواصفة السارية 734 لسنة 2013م، إذ إنها ذات المواصفة وإن تغيرت سنة إصدارها.
وحيث إن المشرع قد جعل للهيئة المطعون ضدها الحق الكامل بل الأوحد فيما تقرره من إعداد مواصفة قياسية مصرية أو تبنى مواصفة أجنبية بعد اعتمادها، إلا أن هذا الحق مكفول أصلًا حماية للمستهلك وحرصًا على تحقيق أكبر ضمانة لعدم إنتاج أو تداول سلع أقل جودة مما تضر بجمهور المستهلكين والمستخدمين، فلا أقل من التزام الهيئة بأحكام الدستور والقانون والاتفاقيات الدولية في هذا الشأن، بل إن من متطلبات الأمن القومي عدم إصدار مواصفات قياسية معيبة بل وإلصاق صفة الجودة بها والزعم باتفاقها مع المواصفات العالمية على غير الحقيقة ثم تبنى حيودًا عنها دون سبب مشروع قانونًا، فكما حظر المشرع على أية جهة التحايل ببيع الخامات أو المنتجات الصناعية أو طرحها للبيع على أنها ذات مواصفات قياسية خلافًا للحقيقة، فالأجدر أن تهرع الهيئة المطعون ضدها لتطبيق أحكام القانون. الأمر الذي تقضى معه المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد خالف هذا الوجه من القضاء، فإنه يكون جديرًا بالإلغاء ويكون الطعن عليه قائمًا على سببه وسنده المبرر له قانونًا جديرًا بالإجابة.
الطعن رقم 36693 لسنة 61 قضائية. عليا جلسة 15/2/2020